عبدالعزيز أبولسه
عبدالعزيز أبولسه
-A +A
عبدالعزيز أبولسه
صديقي عبدالله الدهري.. تعلم أنني سبقتك في الوصول إلى هذا العالم قدراً وليس اختياراً، عرفتك قبل أكثر من ربع قرن، كنت مؤمناً بالله وملائكته وكتبه، لم تلبث أن أضفت إلى هذه الإيمانات إيمانات بنفسك، بتجربتك، بفنك، بصنعك للحياة بشكل مختلف، أعلم يا صديقي، أنني لم أكن في أحسن تقويم معك، كنت وما زلت أثقل عليك وأقتحم صومعتك، كنت وما زلت أقطع عليك تواصلك مع عوالمك العليا فناً وفكراً وتبتلاً.

أعترف أنني كنت أقطع عليك كل تلك العزلات الفاتنات، لم أقدم لك شيئاً يذكر، وأنت بالمقابل كنت وما زلت كريماً نبيلاً معي، يا صديقي كنتُ أختنق ثم لا أجد غيرك يرفع عني ضر اللحظة ويقدمني بشكل أجمل، قلت عنك ذات يوم أن الدهري أعاد ترتيب حياتي وشارك في تأثيث روحي.


يا صديقي أنت أنموذج مختلف من قماشة لا تنبغي لغيرك، أنت تشبه طلال مداح الفنان العظيم الذي عاش ومات وهو لا يدرك أنه فنان عظيم وهو أعظم وأجمل من غنى لنا، حتى مات وهو يغني لنا، أنت يا صديقي تشبهه لكنني لا أريدك أن تموت قبلي لأنني ما زلت بحاجة إليك، ولأن قصيدتي تقف مشلولة أمام كلمة رثاء.

أعتذر منك أناء الحب وأطراف النبل، أعتذر أن قصرت وأنا كذلك أعتذر إن لم أكن صديقاً صالحاً يليق بحضورك الكبير والصالح، أنت تغمرني حبّاً وحياة وفنّاً وتفاصيل، لا أريدك أن تنتهي من حياتي، ابقَ معي صديقاً عظيماً تتحول حياتي معه إلى ما يشبه الفانتازيا، أنت أجمل وآخر البوهيميين الذي استحالت أصابعه إلى كائنات من صنعه، ألست من خلد وجه أمي حتى لو من خلال لوحة؟